أوبر تسمح بالدفع نقدًا في معظم مدن بريطانيا لأول مرة
في تحول استراتيجي لافت، بدأت شركة “أوبر” السماح للركاب في معظم مدن بريطانيا بالدفع نقدًا مقابل رحلاتهم، للمرة الأولى منذ انطلاق خدماتها في البلاد. وجاء هذا القرار بعد سلسلة تجارب نُفذت في مدن مثل برمنغهام وستوك ونوتنغهام وليستر خلال الـ18 شهرًا الماضية، أظهرت نتائجها وجود شريحة من المستخدمين تفضّل الدفع نقدًا، إما لاعتبارات شخصية أو لعدم امتلاك بطاقات مصرفية.
وشمل التوسّع جميع مدن المملكة المتحدة باستثناء لندن، حيث ما زالت الجهات التنظيمية تراجع الخطوة قبل البت فيها، فيما يظل خيار الدفع النقدي غير متاح حاليًا لخدمات “أوبر إيتس” أو لحجوزات وسائل النقل الأخرى عبر التطبيق.
مرونة للمستخدمين وتحفظ لدى السائقين
وبموجب النظام الجديد، يُمنح الراكب خيار الدفع نقدًا مباشرة من خلال تطبيق أوبر، بينما يحتفظ السائقون بحق رفض هذا الخيار عبر إعداداتهم الخاصة، خاصة أولئك الذين يُبدون مخاوف تتعلق بحمل النقود في مركباتهم لأسباب أمنية.
وفي حال عدم امتلاك السائق للمبلغ الكافي من الفكة، يُضاف الفائض كرصيد في حساب الراكب داخل التطبيق. واعتبرت الشركة أن هذا التغيير ينسجم مع رؤيتها في “جعل التنقل متاحًا للجميع”، خاصة للفئات غير المتمكنة من استخدام أدوات الدفع الإلكترونية.
يتزامن هذا القرار مع تصاعد الجدل في الأوساط السياسية والاقتصادية بشأن تراجع استخدام النقد في البلاد، وسط تحذيرات من تهميش فئات واسعة من المجتمع. فقد أشار تقرير صدر مؤخرًا عن لجنة الخزانة في البرلمان البريطاني إلى وجود مجموعات تعتمد على الدفع النقدي، بينها أفراد من ذوي الإعاقات التعليمية، ومواطنون يلجؤون إليه لضبط ميزانياتهم.
ورغم أن التقرير لم يدعُ بشكل مباشر إلى فرض قانون يُلزم المؤسسات بقبول النقد، فإنه وصف الوضع الحالي بـ”ناقوس الخطر” للحكومة، داعيًا إلى حماية الخيارات النقدية في ظل تسارع الرقمنة.
الدفع النقدي كأداة مقاومة للعنف الاقتصادي
وقد سلط التقرير البرلماني الضوء على حالات لضحايا عنف اقتصادي وأسري يعتمدن على النقد كوسيلة للهروب من علاقات مسيئة. وأفادت منظمة “البقاء في وجه العنف الاقتصادي” بأن بعض الضحايا لا يستطيعون استخدام بطاقات الدفع خوفًا من تتبّع شركائهم لتحركاتهم، حيث تُشكل كل عملية إلكترونية مصدر خطر.
وقالت سام سميذرز، المديرة التنفيذية للمنظمة، إن “الأمر لا يتعلق بوسيلة دفع، بل بمسألة حياة أو موت”، مشيرة إلى أن إحدى النساء أخفت مبالغ صغيرة من المال في أنحاء متفرقة من المنزل حتى جمعت ما يكفي للهروب من المعتدي.
وأضافت سميذرز أن الحسابات المصرفية المشتركة والرهون العقارية تُستخدم أحيانًا كوسائل لفرض سيطرة قسرية، وأن الدفع النقدي يمنح الضحايا هامشًا من الحرية والتحكم الذاتي، مؤكدة أن “النقد ليس بقايا الماضي، بل أداة بقاء”.
دعوات للتشريع ورفض حكومي
رحّب النشطاء بخطوة “أوبر”، واعتبروها إقرارًا بأهمية النقد كحق يجب الدفاع عنه. وقال رون ديلنوفو، من “تحالف حرية الدفع”، إن قرار الشركة يتماشى مع ممارسات معمول بها في دول أخرى، داعيًا الحكومة إلى سنّ قانون يجبر المتاجر ومقدّمي الخدمات على قبول الدفع النقدي.
لكن الحكومة البريطانية أكدت في تصريحات رسمية عدم وجود نية في الوقت الحالي لفرض تشريع من هذا النوع، ما يعكس استمرار التردد الرسمي في التعامل مع تصاعد القلق الاجتماعي من اختفاء النقد.
في ظل هذا الواقع، تبقى خطوة “أوبر” مؤشرًا على تغير في منطق السوق، وربما بداية مراجعة أوسع لفكرة الدفع الحصري عبر البطاقات، لصالح نموذج أكثر شمولًا يراعي حاجات الفئات الأكثر هشاشة.
المصدر بي بي سي نيوز
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
17°C
