أفضل 5 متاحف في بريطانيا لعام 2025
في وقت يتزامن فيه الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة “متحف العام” التي تُنظمها مؤسسة Art Fund مع تصاعد التحذيرات بشأن مستقبل القطاع الثقافي في بريطانيا، برزت خمسة متاحف مرشّحة هذا العام بوصفها نماذج للمقاومة الثقافية، والابتكار المجتمعي، والاستمرارية رغم التحديات البنيوية والمالية.
ورغم أن الحكومة المنتخبة حديثًا خصّصت تمويلًا طارئًا بلغت قيمته 120 مليون باوند للمتاحف الوطنية و20 مليون باوند لمساعدة المتاحف المدنية على مواصلة نشاطها، فإن الأزمة الهيكلية في القطاع لم تُحل بعد. إذ لا تزال غالبية المتاحف عاجزة عن استعادة أعداد الزوار التي كانت تسجلها قبل الجائحة، فيما تُثقل فواتير الطاقة كاهل المؤسسات الثقافية، وتتراجع الرحلات المدرسية بسبب اقتطاع موازنات التعليم، وتؤجَّل أعمال الصيانة الحيوية بسبب نقص التمويل.
وفي هذا السياق، يُكرَّم هذا العام خمسة متاحف – جميعها خارج العاصمة لندن – باعتبارها مراكز ثقافية نجحت في تقديم محتوى إبداعي جديد والوصول إلى جمهور لم يكن ضمن دائرة اهتمامها التقليدية. كل متحف سيحصل على 15 ألف باوند، بينما يحصل الفائز بجائزة “متحف العام” على 120 ألف باوند، على أن يُعلَن اسمه في 26 يونيو المقبل.
1. متحف بيميش – مقاطعة دورهام
يقع المتحف في موقع مفتوح تبلغ مساحته 500 فدان، تحيط به الغابات، وقد استقطب خلال العام الماضي 838 ألف زائر، ما جعله الوجهة الثقافية الأولى في شمال شرق إنجلترا.
يركّز المتحف على تقديم إعادة تمثيل حية لحياة الطبقة العاملة البريطانية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، من خلال موظفين يرتدون أزياء تاريخية، ومرافق حقيقية تشمل منجم فحم ومزرعة جورجية وبلدة خمسينية أُعيد بناؤها مؤخرًا.
تشير المديرة التنفيذية ريانون هايلز إلى أن المتحف يواجه تحديًا استراتيجيًا في مواصلة التوسع الزمني ليشمل السبعينيات والثمانينيات، وفقًا لرؤية المؤسس فرانك أتكينسون الذي أراد أن يكون المتحف شاهدًا على الذاكرة الحية للمجتمعات البريطانية.
وإذا حصل المتحف على الجائزة، تُخطّط الإدارة لتوسيع برنامج “الرفاه الاجتماعي” الذي يخدم فئات مثل مرضى الخرف، مشيرة إلى وجود قوائم انتظار طويلة بسبب نقص الموارد.
2. مركز تشابتر – كارديف
تأسس هذا المركز الثقافي عام 1971 داخل مبنى مدرسي إدواردي قديم، على يد فنانين اثنين. واليوم، يُعد مركزًا متعدد الوظائف يجمع بين المسرح، والمعارض الفنية، ودور السينما، ومساحات التدريب، ومقهى وحديقة.
يوفّر المركز مساحة عمل دائمة لـ80 فنانًا وشركة إبداعية، ويقوم بتنظيم معارض ومبادرات بالشراكة معهم، دعمًا للمشهد الثقافي الويلزي ومواجهة “نزيف العقول” نحو لندن.
أطلق المركز مؤخرًا عددًا من المبادرات المجتمعية، من بينها تذاكر مرنة بأسعار يحددها الزوار، ووجبات غداء للأطفال خلال العطل، ومخزن مجتمعي دون أي شرط أو قيد.
لكن كما تقول المديرة الفنية هانا فيرث، فإن البيئة التمويلية في كارديف “هشّة”، وسط عجز الحكومة الويلزية عن تقديم حلول مستدامة.
وإذا حصل المركز على الجائزة، يأمل القائمون عليه تحويل الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيسه إلى “احتفال واسع بالثقافة المحلية” بعد تعذّر الاحتفال بالذكرى الخمسين بسبب جائحة كوفيد-19.
3. كومبتون فيرني – وركشير
يقع المتحف داخل قصر جورجي يعود إلى القرن الثامن عشر، أُنقذ من الانهيار على يد رجل الأعمال والناشط الثقافي بيتر موورز. ويضم ست مجموعات فنية عالمية من الفن الشعبي البريطاني إلى البرونزيات الصينية، ويحيط به متنزه تبلغ مساحته 120 فدانًا من تصميم المهندس الشهير كابيليتي براون.
شهد العام الماضي إقامة معرض للنحت في الهواء الطلق ضم أعمالًا لفنانين بارزين مثل سارة لوكاس وبيرميندار كور وهيلين تشادويك.
تشير المديرة التنفيذية جيرالدين كولينج إلى أن المتحف رفع أعداد الزوار بنسبة 20% مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، لكنه يواجه معادلة صعبة في موازنة التمويل مع ضمان الوصول الواسع. فقد أُطلقت تذاكر خاصة بقيمة 2 باوند لمتلقي دعم الدخل والمعاشات، إلى جانب بطاقات مجانية لمن هم دون 18 عامًا.
وإذا فاز المتحف بالجائزة، تُخطّط الإدارة لمواصلة الاستثمار لتوسيع دائرة الوصول إلى الموقع.
4. غاليري غولدن ثريد – بلفاست
تأسس هذا المعرض الفني أواخر التسعينيات في منطقة شهدت اضطرابات مدنية حادة، قبل أن ينتقل إلى موقعه الحالي وسط مدينة بلفاست، حيث أصبح من أبرز مؤسسات الفن المعاصر في أيرلندا الشمالية.
العرض الجديد يضم قاعتين كبيرتين ومركزًا للمشاركة المجتمعية، بواجهة زجاجية شفافة تتيح للمارة رؤية النشاطات الداخلية، ما يعزز إمكانية الوصول والانخراط العام.
تقول المديرة المشاركة سارة ماكافيرا إن أيرلندا الشمالية تُعاني من أدنى معدل للتمويل الثقافي في أوروبا، وهو لا يتجاوز خمس ما يُقدّم في جمهورية أيرلندا، كما أن بلفاست تحتل مراتب متقدمة في مؤشرات الفقر والحرمان.
وتضيف: “لذلك نُصرّ على أن تبقى جميع ورشنا الفنية مجانية بالكامل”.
أما الجائزة – إن حصلوا عليها – فستكون “مغيرًا حقيقيًا للواقع”، إذ تُعادل أكثر من نصف الدعم السنوي الذي يتلقاه المعرض من مجلس الفنون.
5. متحف بيرث – اسكتلندا
يمتلك متحف بيرث مجموعات تُعد من الأقدم في المملكة المتحدة، وقد انتقل مؤخرًا إلى مبنى جديد داخل “قاعة مدينة بيرث”، بعد مشروع ترميم ضخم بلغت كلفته 27 مليون باوند.
من أبرز مقتنياته “حجر القدر” الذي عاد إلى بيرثشاير بعد 700 عام، وقارب خشبي يبلغ عمره 3,000 عام. وتقول المديرة التنفيذية هيلين سمووت: “نروي هنا قصة 10 آلاف سنة من التاريخ الاسكتلندي”.
استقطب المتحف ربع مليون زائر منذ إعادة افتتاحه في مارس الماضي، ويستعد هذا الصيف لاستضافة معرض عن شخصية “ماكبث”، مستفيدًا من قربه الجغرافي من “بيرنام وود” و”تل دانسينان” الواردَين في المسرحية الشهيرة.
لكن المتحف واجه شكوكًا من قبل بعض الشركات المحلية، التي طالبت بإثبات جدوى الاستثمار الثقافي. وتقول سمووت: “أثبتنا أن الفنادق ممتلئة والمتاجر مزدهرة بفضل الزوار”.
وإذا فاز المتحف، تنوي الإدارة تخصيص الجائزة لإنشاء صندوق نقل مدرسي يتيح للمدارس ذات الميزانيات المحدودة تنظيم رحلات ميدانية إلى الموقع.
تكشف هذه القائمة المختارة عن مراكز ثقافية متجذرة في مجتمعاتها، تقاوم التقشف وتمويلًا هشًّا، لكنها لا تزال تنبض بالإبداع والمبادرة. وفي زمن تتقلص فيه ميزانيات التعليم والفنون، تُصبح هذه المتاحف أكثر من مجرد أماكن للعرض؛ بل فضاءات للذاكرة والمقاومة، وحواضن لتاريخ بريطانيا ومخيلتها المستقبلية.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
16°C
