أطباء في غزة يتبرعون بدمائهم لإنقاذ المرضى وسط الحصار

في مشهد يعكس عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، أُجبر أطباء فلسطينيون على التبرع بدمائهم الخاصة لإنقاذ حياة المرضى الذين أصيبوا جراء العدوان الإسرائيلي خلال محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية.
ويأتي ذلك في ظل تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 19 شهرًا، وتفاقم النقص في المستلزمات الطبية والغذائية، خاصة بعد تدمير البنية التحتية الصحية وإفراغ بنوك الدم.
نظام المساعدات الجديد يتحول إلى مناطق قتل

بدأ الأسبوع الماضي تنفيذ نظام مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل لتوزيع كميات محدودة من المساعدات عبر نقاط توزيع عسكرية يشرف عليها ما يسمى بـ”مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF).
لكن منذ انطلاق التوزيع، استُشهد أكثر من 100 فلسطيني وأصيب نحو 500 آخرين، بحسب بيانات وزارة الصحة في غزة، جراء إطلاق النار على حشود من المدنيين أثناء انتظارهم استلام الغذاء.
المستشفيات تنهار تحت ضغط الإصابات الجماعية
أفادت منظمة “أطباء بلا حدود” بأن الفرق الطبية في مستشفى ناصر في خان يونس تعاني من انهيار شبه كامل بسبب تدفق أعداد ضخمة من الجرحى، في حين استقبل مستشفى ميداني تابع للصليب الأحمر 184 مصابًا في يوم واحد فقط، رغم سعته المحدودة بـ60 سريرًا.
قالت نور السقا، مسؤولة ميدانية لدى “أطباء بلا حدود”: يرقد “الجرحى في الممرات لأن الغرف ممتلئة. ملابسهم ملطخة بالدماء، وآثار الرصاص ظاهرة في أطرافهم. إنهم منهكون نفسيًا وجسديًا.”
بنوك الدم فارغة والتبرع ممنوع على الجائعين

النداءات المتكررة للتبرع بالدم من قبل المستشفيات اصطدمت بواقع قاسٍ: الغالبية العظمى من السكان يعانون من فقر الدم نتيجة الجوع وسوء التغذية، ما يجعلهم غير مؤهلين للتبرع.
وقال د. أحمد الفراح في تصريحات سابقة، إن كل من حضروا للتبرع كانوا يعانون من الأنيميا.
إزاء ذلك، اضطر الطاقم الطبي نفسه، خاصة من لا يزال يتمتع بصحة معقولة، إلى التبرع بدمائه.
وأكدت ميكييلا سيرافيني، رئيسة “أطباء بلا حدود – سويسرا”، أن زملاءها اضطروا للتبرع بالدم لإنقاذ أشخاص في حالة صدمة، أصيبوا فقط لأنهم كانوا يحاولون إطعام أطفالهم.
منظمات إغاثية: “مساعدات مميتة.. وتوزيع عسكري مدمر”
نددت منظمات حقوقية وإنسانية، من بينها “أطباء بلا حدود” و”MedGlobal”، بتحويل المساعدات الإنسانية إلى أدوات عسكرية، مؤكدة أن نقاط التوزيع أصبحت “مناطق قتل” بدلًا من أن تكون ملاذًا آمنًا.
وقالت آنا موران، مديرة المناصرة في “MedGlobal”:
“إن كمية المساعدات المسموح بها ضئيلة للغاية، ولا تفي بالحاجة. ومن غير المقبول أن يُجبر الناس على اختيار الموت جوعًا أو خطر الإصابة برصاص الجيش وهم يسعون خلف الطعام.”
احتجاجات دولية ودعوات لإنهاء عسكرة المساعدات
تظاهر نحو 100 متطوع من “أطباء بلا حدود” أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف، وشكلوا خطًا أحمرًا رمزيًا احتجاجًا على الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني.
وأكد ستيفن كورنيش، المدير العام للفرع السويسري للمنظمة، أن عسكرة المساعدات تتنافى مع المبادئ الإنسانية، مضيفًا:
“المساعدات لا يجب أن تكون أداة سياسية أو عسكرية، بل وسيلة إنقاذ خالصة. تحويلها إلى أدوات حرب قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.”
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK)
ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK)، أن ما يحدث في قطاع غزة من استهداف مباشر للفلسطينيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء يمثل خرقًا صارخًا لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني، ومساسًا بكرامة الإنسان في أكثر صوره ضعفًا.
وتؤكد المنصة أن عسكرة المساعدات وتحويل نقاط الإغاثة إلى ميادين قنص يشكلان سابقة خطيرة تتطلب مساءلة دولية فورية. كما تدعو المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة، إلى التدخل العاجل لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات بشكل آمن وكريم.
المصدر: huffingtonpost
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇